العدد (156) - تشرين الاول- 2022      

العلاقات العسكرية التركية – الاسرائيلية 1948-2000م (دراسة تاريخية)
د. جاسم محمد عبدالله اللهيبي
د. عبد الرزاق خليفة روضان اللهيبي
عمان - دار غيداء- 2022
237 صفحة

 


توصف منطقة الشرق الأوسط بأنها منطقة مليئة بالعداء، والنزاع المسلح، وهذا ما يمكننا من الفهم على القوة الدافعة وراء نشأة العلاقات التركية - الاسرائيلية المتناميـة بينهما، وفي علاقات هذين البلدين مع الجيران الإقليميين، وكانـت مـن اهـم الأهـداف التركية - الاسرائيلية في تقاربهما هو لردع الدول الأخرى عن اتخاذ إجراءات معادية ضد أي منهما، وكما صرح أحد كبار المسؤولين العسكريين الأتراك (نحن محاصرون من جميع الجهات بطرق المتاعب، نحن في المكان الساخن، من المهم بالنسبة لنا أن نقفز خـارج هـذه الدائرة الفوضى والعثور على أصدقاء في المنطقة، كانت إسرائيل هي الخيار الأمثـل لنـا) ببساطة تركيا كانت تبحث عن حليف في المنطقة وكانت ترى ان التعاون مع اسرائيل سيسهم في السلام والاستقرار الإقليميين، ومساعدتها في التصدي للإرهاب المحلي، والنزاعات الإقليمية، واستغلال الموارد الطبيعية، وتضارب المصالح والعداوات التاريخية، كانت الرؤية التركية ترى في إسرائيل حليـف طبيعي، بسبب عدم الثقة المشتركة في العلاقات العربية - التركية، وتوفر العلاقات الوثيقة مع إسرائيل أسهل الطرق للوصـول إلى التقنية والمعرفة والدراية العسكرية الإسرائيلية المتطورة، قدم الإسرائيليون المعـدات العسكرية التي تتطلب تحديث جيشها بأسعار تنافسية للغاية كما أن التعاون مع إسرائيل يسمح لها بذلك اكتساب صديق وهو أمر تفتقر إليه تركيا في السياسة الدولية.
كما ان النخبة العسكرية التركية الكمالية ترى في التعاون المعزز في المجالات الامنية بين تركيا وإسرائيل بشكل جيد يظهـر توجـه أنقرة باستمرار نحـو الغـرب والتزامها بالعلمانية واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة والذي هو أكثر بكثير من جميع اللوبيات العرقية الأخرى مجتمعة، وهو مايتم توظيفه لحماية المصالح التركية بشكل مثـالي ضـد المناوئين لها في الولايات المتحدة.
ومن الجانب الآخر سعت إسرائيل إلى إقامة علاقات عسكرية مع تركيا للاستفادة العسكري وهي ذات المساحة منها في تقليـل نقاط الضعف في العمـق الاستراتيجي الصغيرة للغاية مقارنة مع العمق العسكري العربي، والكثافة السكانية المتدنية، بالرغم من ان الحماية العسكرية الاسرائيلية ومنذ تأسيسها تعتمد على الولايات المتحدة والتي حافظت على امنها لعقود، الا أن إسرائيل لا يمكنها الاعتماد على جهودهـا الخاصـة لتحمل التحديات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط، لذلك يمكـن القـول إن تطـوير العلاقات مع تركيا أمر طبيعي نتيجة لسعي إسرائيل للحفاظ على أمنها الأسلحة والتجهيزات الأوسط من منظورها الخاص، كما استفادت إسرائيل مالياً من بيع والتقنيات العسكرية لتركيا، ولاسيما على مدى السنوات الخمس والعشرين القادمة، والتي تخطط تركيا لإنفاق 150 مليار دولار لتحديث جيشها، وإسرائيل تريد أن تبيع بقدر ما تستطيع، وبما يتناسب مع مكانتهـا كـخـامس منتج للأسلحة في العالم، في ظـل الصعوبات التركية بالحصول على الأسلحة والتقنية العسكرية في التحديث والتطوير لمؤسستها العسكرية من أوروبا أو الولايات المتحدة، بسبب سجل حقوق الإنسان الخاصة بها، وخلافها الدائم مع العضو الاصيل في حلف الناتو اليونان.
لقد دأب العديد من الباحثين والأكاديميين في الدراسات التاريخية والسياسية على تناول نشـأة وتطور العلاقات التركية – الاسرائيلية، الا ان اغلبهـا تناولت الجانب السياسي والاقتصادي منها بشكل ثانوي، لكن القلة منهم مـن تناول السمة الابرز في تلك العلاقات الا وهي ، الجانب العسكري والامني والاستخباري فيهـا، ويعزى السبب الرئيس في ذلك وهو في كل الاتفاقات العسكرية المعقودة بين معظم الدول الى السـرية الكاملة في الافصاح عن معظم مفردات الاتفاقيات العسكرية بينهما، وبالتالي قلة التوثيق المسموح به من الاطلاع عليه ومعرفة تفاصيله في مسار تلك العلاقات على الباحثين وهذا ما شكل صعوبات بالغة عليهم في معرفة سبر اغوارها، الا اننـا ولقلـة الـوثـائق المنشورة في هذا الجانب وتعزيزاً للمعلومات التي تخص الاتفاقيات العسكرية الموقعة بالطرفين ومحتوياتها، اعتمدنا على دراسات مصـادر واطاريح جامعيـة عربية واجنب كانت قد حصلت بصورة وبأخرى على وثائق ومعلومات مهمة للغاية تطرقت الى الـ من التفاصيل في كشف التعاون العسكري والامني بين البلدين ولنصف قرن من الزمان. وقد قسم الكتاب إلى اربعة فصول وهي:
الفصل الاول : العلاقات السياسية التركية – الاسرئيلية ما بين عامي 1948-2000.
الفصل الثاني : العلاقات الاقتصادية التركية – الاسرائيلية بين عامي 1948-2000.
الفصل الثالث : العلاقات العسكرية التركية – الاسرائيلية بين عامي 1948-2000.
الفصل الرابع : الامنية والاستخبارية التركية – الاسرائيلية بين عامي 1948-2000.


 

© جميع حقوق النشر محفوظة لدار الكتب والوثائق 2006